الانتصار للحق وإن كان صاحبه ضعيفا
إن المتتبع لمواقف سلطنة عمان من القضايا الإقليمية والدولية يجد انها تنطلق من نصرة صاحب الحق مهما كلفها ذلك من مشقة وعناء يتضح ذلك في اليمن وسورية والأزمة الخليجية و القضية الفسطينية وغير ذلك من قضايا العالم .
وإذا أخذنا من ذلك مثلا موقفها الأخير من القضية الفلسطينية التي كاد أن يتخلى عنها أقرب الاقرباء موقعا وأعظم الدول قوة وبعد أن كادت القيادات الفلسطينية تشعر بالإحباط مما يدور ويدار حولها من مؤآمرات ودسائس في سبيل إرضاء الطرف الآخر إنبرت سلطنة عمان لتقول أن لديها أفكارا جديدة يمكن أن تسهم في تقريب الجانبين إلى طاولة المفاوضات.
فما الدافع وراء تلك الخطوة الشجاعة التي خطتها السلطنة؟
اعتادت الدول أن تحشر أنفها لكي يكون لها موقع في مفاوضات تتم بين طرفين متنازعين لتكسب سمعة دولية لمشاركتها في تحقيق اتفاق معين لكن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لا تجمعهما طاولة اجتماعات ولا حتى مناقشات
بل تكاد الصلة مقطوعة ولم تستطع دول كبيرة كانت أم صغيرة أن تقرب وجهات نظرهما فلماذا دخلت سلطنة عمان على خط قضية معقدة اريد لها زيادة تعقيد وليس مفاتيح حل؟
سلطنة عمان تعيش حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي تتيح لها التفكير في النظر بموضوعية إلى القضايا الإقليمية و الدولية ، وبعمل من التفكير وجدت أن المحيط الجغرافي بفلسطين مشغول بنفسه بل إنه يسقط أحيانا مشاكله الداخلية العاجز عن حلها الى أسباب خارجية مشيرا إلى جانب الحدود مع الفلسطينيين مما يضاعف الضغط على الفلسطينيين وفي نفس الوقت يخيم الخلاف بين الأطراف الفلسطينية بظلاله على سير المفاوضات بينهم والإسرائيليين عاجزين عن تحقيق انفراج فتقوم السلطة في غزة بدفع الشباب الفلسطيني إلى ما يسمى بانتفاضة العودة ، وهي حيلة العاجز غير مبالين بما ترد به إسرائيل على تلك المظاهرات
من زيادة في الحصار وقتل وجرح لمئآت الاطفال والشباب مما رفع تكلفة تلك المظاهرات في جانب الشعب الفلسطيني
في حين أن السلطة الفلسطينية في غزة و رام الله تعيش حياتها العادية بل هي تتمتع بميزات لا تصل إلى سواد الشعب.
من هنا وجدت السلطنة أن عليها واجب اخلاقي أن تخفف عن الشعب الفلسطيني آلام الحصار من خلال وضع تهدئة تتيح للفلسطينيين إلتقاط أنفاسهم بعد سنوات من الحصار لم تكن خلالها الدول المحيطة قادرة على فك الحصار عنها وفق حسابات محلية ضيقة ودولية خانقة
ليزيد الطين بَلَّة مشروع تسوية القرن الذي تنادي به الدولة الكبرى في العالم.
فتدخل سلطنة عمان جاء لتيسير التقارب وتخفيف الحصار الذي من شأنه أن يوفر قسطا من الهدوء يمكن الجميع من إعادة التفكير فالجائع والمريض والخائف لا يمكن أن ينصرف تفكيره نحو السلام وإسرائيل تنشد السلام لنفسها
في حين أن السلام طائر له جناحان أحدهما في إسرائيل والآخر عند الفلسطينيين فلا يمكن لإسرائيل أن تتمتع بالسلام إلا بالتشارك مع الفلسطينيين لذلك سلطنة عمان تسعى لأن تجعل من الطرفين يؤمنان بهذا المبدء
إن ارادا العيش معا بسلام مؤمنة بأن الضروف الدولية باتت مواتية لتحقيق رؤية قيام الدولتين .
والذي يهيئ أسباب نجاح السلطنة في مساعيها سياستها الهادئة واتساع خارطة علاقتها الدولية وعدم وجود مصالح خاصة تسعى إليها إلا أن يسود إلامن والاستقرار ربوع هذه المنطقة والعالم أجمع.
غصن بن هلال العبري
أحدث التعليقات