* شرخ في الثقة *
لم تعد لديَّ كمواطن خليجي الثقة في أنني أعيش ظمن منظومة متجانسة رغم ما قد يقال عن الأحداث الاخيرة أنها سحابة صيف لا توشك أن تنقشع .
ذلك انه يمكنني فهم أن تحدث مشكلات بين الاخ وأخيه وأن يحدث بينهما تجاذبات نحو قضية معينة فذلك مما لا يمكن إنكاره ، لكن أن نشهد هذا الحشد الهائل من الإعلام العدائي الذي ينبي عن عداوة كامنة في القلوب هو ما لم يستوعبه عقلي والذي قد يؤدي الى مزيد من التصعيد لا سمح الله.
لنفترض أن حكومة وأخرى قد اختلفتا على أمور معينة هل يجب أن تشحذ الأسنة وتضرب طبول الحرب على كل المستويات ؟ ولماذا التوسع الجغرافي في شحن الراي العام لدى الدول الأخرى خارج الخليج؟ أين الحديث عن ان شعب الخليج شعب واحد ؟ وأنه هو الهدف والغاية الاسمى من كل ما تقوم به الحكومات .
إن القلب لينفطر ألما أن يسمع من شقيق يقول لشقيقه أمهلك أربعة عشر يوما لتخرج من حدودي .
ما الذي ارتكبه المواطن البسيط ليلحق به هذا الحنق بين يوم وليلة؟
ثم هل من الانصاف الحاق الضرر باقتصاد بلد بالصورة التى نراها وكأن تلك البلد باسرها ملك شخصي للحاكم او الحكومة؟
لقد أثبتت الاحداث التي تتوالى سراعا أنه لا أمان بهذه المنطقة وأن كلما كنا نراه من ابتسامات بين قادته ينطبق عليها قول الشاعر
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها *** عند التقلب في أنيابها العطبُ
ما حدث ويحدث هذه الايام ينبغي أن تؤخذ منه الدروس والعبر أنه ليس هناك ما يدعو للثقة بل على المواطن الخليجي في كل أقطاره أن يعلم ويتعلم من مقولة ( اكلت يوم اكل الثور الابيض) .
فما يبدو لي ان عهد استعراض العضلات قد بدأ بالفعل وصار كل احد يسوغ لنفسه التدخل في البلد الآخر ولا يتورع عن اتخاذ كل شيء في سبيل تحقيق إرادته وفرض سيطرته ، فهناك حصار وفي مكان آخر دمار وفي بلد ثالث طايرات تؤدي مهمات عقابية ودول ترسل طايراتها مئآت الكيلو مترات ، هستيريا لم تشهد لها المنطقة مثيلا من قبل ، وستستمر بين الفعل وردة الفعل الى ان لا يبقى قطر واحد معافى منها والعياذ بالله.
ليتك ياخليج لم تمنح لنا ما منحته من خيرات ، ليتك ابقيتنا على الجمل والحمار
والمعزة والمحار ، والقليل من الزرع والاشجار.
فنحن لا نستحق منك هذه الخيرات المتدفقة الغزار ،
لقد عكرنا صفوك وأضعنا شيمك ومرؤتك ، بطرنا حتى كدنا نظن انفسنا نستطيع شراء الدنيا بما فيها ومن فيها بثرواتنا وصرنا نتدخل فيما يعنينا ولا يعنينا ، استعدينا الامم علينا ، فصارت ثرواتك فينا وبالا ، جهلنا فوق الجاهلية التي كانت مطبوعة فينا ، شرنا وشررنا وصل الى اقصى شعوب الارض التي كان لازاما علينا أن تصلها منا القيم الانسانية والخلق الربانية ، صرنا مصدر الإرهاب وضحاياه ، انتهكت حريتنا وديست كرامتنا وعوملنا معاملة لا إنسانية ، صرنا اذل من العبيد نؤمر فنطيع بل نتبرع بالطاعة قبل أن تطلب منا ، وكل ذلك بسبب سلوكياتنا وتصرفاتنا اللامدروسة واللا معقولة .
شغلنا عن تنمية شعوبنا والارتقاء بها بخلافات تبعد عنا آلاف الاميال بها شعوب احق ان تقرر لنفسها ما تريد
تدخلنا في شؤون امم هي اقدر منا على فهم مصلحتها منا ، فاستوردنا خلافاتها الى بلداننا وشعوبنا ، والنتيجة كما نراها شماتة من الاعداء ومزهة ممن اقل منهم عداوة ، والخاسر الاول والأخير المواطن الخليجي.
غصن العبري
أحدث التعليقات