ما اجمل أن تذهب الى المستشفى في نزهة لن تكلفك أكثر من صحتك ، فالعلاج بالمجان ولن تعود من المستشفى خالي الوفاض فإذا لم يرتفع ضغطك أكثر مما هو مرتفع وإن لم تتعطل عندك المثانة من الحصار ولم ينكسر ظهرك من طول الإنتظار ولم تتورم قدماك زيادة على ورمها فستعود بمرض جديد وما أكثرها الأمراض التي في المستشفى ليس أقلها الامراض البكتيرية .
ولتوضيح خطة رحلة الذهاب الى المستشفى تاتي بسيارتك الفارهة المعطرة لتبحث لها عن موقف فتأخذ جهة اليمين تيمنا فإن تمكنت من الدخول الى المواقف فإنك لن تتمكن من الخروج فلا أنت اوقفت سيارتك ولا انت قادر على الخروج من الموقف وإن حالفك الحظ في الخروج لتعود الى الجهة اليسرى أملا ان يحالفك التيسير فستلاقي نفس الحال الذي لقيته في الجهة اليمنى وما عليك إلا ان تخرج من مواقف المستشفى لتبحث لسيارتك عن مكان ضيق على رصيف الشارع خارج المستشفى الذي سبقك اليه عشرات من السيارات لتجد ربما مكانا على بعد نصف كيلو إن لم يكن اكثر من المستشفى لتبدء رحلة الدخول على الاقدام الى داخل المستشفى الذي يفتح لك ذراعيه عبر قاعة قسمت الى نصفين أحدها للنساء وأخرى للرجال وتنتظم في مسار التسجيل أمامك عشرات من الزائرين الى تصل لنافذة التسجيل فيسألك الموظف هل لديك موعد ؟ فتجيبه بالطبع وتظهر له إما ورقة الموعد الورقية او الرسالة التي ارسلت اليك من العيادة التي حددت لك الموعد عبر الهاتف فياخذ منك الرقم ويقول لك بادب تفضل بالجلوس في القاعة ريثما نفتح لك الزيارة فتاخذ مقعدك لمدة لا تزيد على الساعة فطوابير البشر الذين أخذوا مقاعدهم قبلك لهم الحق ان تفتح لهم الزيارة أولا ، لا سيما وان قاعة الاستقبال تشمل كل الاقسام والعيادات في المستشفى وعدد من يقومون بفتح الزيارة والرد على استفسارات المرضى لا يزيد على أصابع اليد الواحدة ، ولعلهم الاكثر حاجة للعلاج من جراء الضغوطات التي تمر عليهم بين مريض مدنف ومسن جاوز الثمانين مقعدا على كرسيه وآخر يقول انه موظف حكومي ويريد التسريع ليعود الى مقر عمله وحالات كثيرة يصعب سردها .
وبعد الانتظار لساعة يتم فتح الملف للزيارة ليأمرك الموظف الى حيث اخذ الوزن وضغط الدم فتقول لك الممرضة الوافدة ( بابا الزغط واجد فوق إنت ما ياخذ دواء اليوم ؟) فتجيبها بابتسامة صفراء أخذت لكن … فتبتسم هي قائلة ( إنت زعلانه من شان انتظار ؟ ) ولا أعرف كيف توصلت تلك الممرضة لزعل المرضى مع انهم قلَّ ما يبدون ذلك مراعاة لعدم جرح مشاعر العاملين واملا في الحصول على العلاج منهم بنفس راضية ، لينتهي الفحص بالذهاب الى العيادة التي تكون قد حددت الموعد بالساعة والدقائق .
تدخل الى الاستقبال في العيادة وتناولهم الورقة التي تبين الوزن وضغط الدم لتقول لك المستقبلة بنفس الادب الذي حظيت به عند فتح الزيارة تفضل أجلس في القاعة الى أن تسمع إسمك .
وتستمر الرحلة على المقاعد واحدا تلو آخر والساعة ليست بالزمن الطويل للانتظار للدخول على الطبيب بالمقارنة مع الزمن الذي استغرق في فتح الزيارة.
وأخيرا ستسمع إسمك فلان ابن فلان لتقفز من على مقعدك كأنك قد فزت بجائزة يا نصيب فرحا مسرورا فالطبيب سيتلقاك من أمام الباب مبديا لك إبتسامة تعبر عن حاله فإن صادفت طبيبا مرتاح النفس خاليا من مشاكله الأسرية فعليك أن تعتبر أن ذلك اليوم عيد فقد يضع سماعته على صدرك ويسألك عن بعض ما يتعلق بحالتك الصحية وإن كان حظك تعسا فسيفتح شاشة الحاسوب أمامه ويسالك هل لديك دواء الذي عادة ما ينتهي عند تاريخ زيارة الطبيب او بعد ثلاثة شهور في بعض المؤسسات وبعضها بعد شهر واحد
فإن كنت محتاج للدواء تم صرفه لك والا سيخبرك بموعد الزيارة التالية غير مأخوذ في الاعتبار طول زمن أخذ ذلك الدواء والمضاعفات التي ربما أحدثها ذلك الدواء إذ تمر سنة او أكثر ولا يتم أخذ فحص الدم لمعرفة التأثيرات الجانبية ، لتودع الطبيب الى حيث أخذ الدواء من الصيدلية التي تكتض قاعتها بالمنتظرين لأخذ الدواء ويمكن للقارئ تصور أن مستشفى مرجعي جميع زائريه يجتمعون في مكان واحد لأخذ الدواء كم سيكون عدد المنتظرين فيتكرر نفس حال الموقف عند فتح تسجيل الزيارة بل الزمن الذي يستغرقه تحضير الادوية مضاعف فلا غرابة ان يستغرق اخذ الدواء ساعتين وزيادة لتخرج ايها السائح في المستشفى بعد الساعة الثالثة والنصف عائدا الى سيارتك الواقفة على بعد نصف كيلومتر بعد نزهة مملوئة بالمشاهدات حافلة بالنكت الساخرة المسلية الصادرة عن زوار المستشفى ومرافقيهم ، وأحيانا بالاحتجاجات الغاضبة التي تقابل من الموظفين بمطالبتهم بالشكوى وكأنهم يريدون إيصال صوتهم الى مسؤوليهم لزيادة أعداد الموظفين الصيدلانيين من اولائك الباحثين عن العمل والذين ينتظرون التعيين لسنوات .
بعد أن استعرضنا في جولة سريعة كيف تقضي يوما جميلا في المستشفى نستعرض جانبا من الحلول الممكنة التي تسهم في اختصار الوقت والجهد في تقديم الخدمات في المستشفيات .
اولها مواقف السيارات : في مستشفيات العاصمة يمكن بناء مواقف علوية كافية ولا باس باخذ رسوم رمزية لكل موقف
فالزائر الى المستشفى مستعد ان يدفع في حدود ٢٠٠ او ٣٠٠ بيسة مقابل ان يقف في موقف بسهولة ويسر .
فتح الزيارة للمريض
من المعلوم ان المريض تاتيه رسالة بيوم ووقت للزيارة محددين ومن ثم ما الذي يمنع ان يتم فتح الزيارة من خلال الاجهزة في اليوم المحدد للزيارة ليذهب الزائر مباشرة الى العيادة التي طلبته وهناك سيجد من يستقبله وينتظر دخوله للطبيب وبذلك يختصر من الزمن ساعة .
*صرف الدواء
إن تجمع الزوار لأخذ الدواء من موقع واحد يحدث من الزحام ما لا يخفى ومن ضيق النفوس بعد طول معاناة ما لا يحتمل ، وقد شهدت شخصيا كم هي التذمرات التي يبديها المنتظرون في حين ان الصيدلية تعمل فوق طاقتها
ولكن الاعداد الكبيرة تحول دون انجاز العمل للجميع في مدة معقولة.
لذلك يتسائل المرء لماذا لا تكون لكل عيادة صيدليتها فالادوية ستكون في متناول يد الصيدلي ولن يستغرق الوقت الذي يستغرقه حاليا في البحث عن كل دواء في صيدلية مترامية الاطراف ، فلو ان لكل عيادة صيدلية لما وجد منتظر على مقعد فالزمن الذي يكون فيه المريض عند الطبيب ويكتب الدواء يكون الصيدلاني قد عرف النوع والكمية وحال خروج الزائر يكون الدواء في انتظاره .
ولكن السؤآل الذي نحتاج الإجابة عليه هل هناك من يرغب في تقديم الخدمة بهذا المستوى من السهولة واليسر ؟ أم أن وراء الاكمة ما وراءها ؟
أحد المراجعين قال إن وراء هذا الأسلوب في تقديم الخدمة سبب غايته التقليل من مراجعة المرضى للمستشفيات ، لكنني لم اوافقه على رأيه لمعرفتي انه بين الزيارة والأخرى ما يقرب من العام فهل هناك اكثر من هذه المدة يمكن المباعدة بها بين الزيارة والزيارة ؟! وآخر قال أن الخدمات ينبغي أن تدار بعقل تجاري يعتمد على جودة المنتج للحصول على رضى الزبائن ولم أتمكن من معرفة ما يرمي إليه من قوله
لكن ما أنا متأكد منه أنه على الرغم من عظم الخدمة التي تقدمها المؤسسات الصحية فإنها تتبخر مع كل مرحلة من مراحل تلقي الخدمة ليخرج المعالج على غير رضى مما تلقاه وتلك مشكلة تحتاج الى دراسة متعمقة لاقتلاعها من الجذور.
والله الموفق لما فيه الخير والصلاح.
أحدث التعليقات