أعلنت وزارة الخارجية العمانية إنضمامها الى الدول الإسلامية المكافحة للإرهاب وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الأمر الذي يطرح تساؤلا مشروعا لماذا الآن ؟ وهل من سبب لهذا التوقيت بالذات ؟ وهل زالت أسباب التحفظات التي كانت بسببها امتنعت من قبل عن الدخول في التحالف الإسلامي الذي دعت إليه الشقيقة المملكة العربية السعودية؟
أسئلة عديدة سأحاول الإجابة عليها من واقع قراءة الأحداث التي مرت بها المنطقة في العقود الثلاثة الماضية ولن آتى بجديد بقدر ما سأربط الاحدث ببعضها وإلا فإن الجميع يعرف القصة منذ نشوب الحرب العراقية الإيرانية التي ظلت عمان خلالها ترتبط بعلاقات مع الطرفين المتحاربين ولم تعلن إنحيازها مع أي منهما.
وفي حرب تحرير الكويت حيث لم تتردد السلطنة في الدخول مع التحالف .
موقفان يمكن من خلالهما قراءة السياسة العمانية
في الأولى لم يكن للحرب بين العراق وإيران هدف واضح ومشروع بل هي مخاوف متبادلة ، كلا الطرفين متوجسان خيفة من بعضهما أدى الى إندلاع الحرب بينهما فلم تستسغ سلطنة عمان مبررات أي من الطرفين فلزمت الحياد.
وفي الثانية حين كان الأمر يتعلق بالرد على عدوان واحتلال دولة بهدف محوها من الوجود كانت عمان من السباقين لإعادة الحق الى أصحابه وتمكينهم على ارضهم .
وهكذا استمرت الثوابت في السياسة العمانية دون تغيير ، حتى حين اندلعت الحرب في سورية أدركت السلطنة أن المشكلة في سورية ليست بين السوريين أنفسهم بل هي حرب بالوكالة بين دول كبرى عالمية وإقليمية وأن السوريين بطرفيهم ضحايا تدافع لمصالح دولية
وان الأطراف المتنازعة نفسها لا تملك صورة واضحة لحل خلافاتها فهي تجيش وتدمر وتسلح حتى من لا تعرف أهدافه ونواياه ، ليختلط الحابل بالنابل وينتهي الامر أن بعض من تم تسليحهم على انهم مقاومة أنهم إرهابيون مما يدل على التخبط.
فما كان لسلطنة عمان أن تدخل في معمعة الهدف منها التدمير والتشريد والقتل.
أما وقد بات واضحا أن الحل في سورية يتمثل في التصالح بين السوريين وجلوسهم على طاولة المفاوضات والقضاء على الإرهابيين وخروج المرتزقة منها والعودة الى البلدان التي جلبوا منها فإنه يمكن ان يكون لسلطنة عمان دور في إستقرار سورية سواء بالمشاركة في تقريب المواقف بين الأطراف او الاسهام في القضاء على الارهابيين وهي مشاركة رمزية تعبر عن التضامن مع الدول المتحالفة .
واما فيما يتعلق باليمن والخلاف بين أبنائه فقد كان للسلطنة موقف مغاير لتوجهات دول المنطقة لخصوصية العلاقة بين السلطنة واليمن والتى كانت تتمنى لو أتيحت لهم فرصة التحاور لحل الخلاف بينهم وإن كانت هناك من رغبة في إحتواء الخلاف أن يتم من خلال تحسين أوضاع اليمنيين الغارقين في الازمات الاقتصادية وكان يمكن استمالة الطرفين المتخالفين إلاَّ أن الأوضاع الإقليمية حالت دون تحقيق ذلك فانتقل مرض الشام الى اليمن ودفع الجميع في سبيل ذلك اغلا الثمن دون فائدة تذكر حتى بات الجميع يتمنى لو تنتهي الحرب ويعم السلام في اليمن ، فانبرت عمان لتحمل غصن الزيتون محاولة تقريب وجهات النظر ويبدو لي أن انفراجا ما سيحدث في اليمن مشابه لما يحدث في سورية على ضوء التسويات الإقليمية ، لتتفرغ الدول مجتمعة لمحاربة الإرهاب الأكبر المتمثل فيما يسمى بالدولة الإسلامية بين هلالين ( داعش) وتصبح سلطنة عمان واحدة من تلك الدول .
ولعل فيما شهدناه قبل يومين من توقيع السلطنة إتفاقا على التعاون العسكري مع شقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة دليل على عزم الدولتين تنسيق جهودهما لمكافحة الإرهاب بعد إنحسار مشكلة اليمن التي تشارك فيها دولة الامارات وتتحفظ عليه السلطنة .
ومن ذلك كله نخلص أن توقيت السلطنة في موافقتها على الدخول مع الدول الاسلامية لمكافحة الإرهاب جاء بعد أتضحت الرؤية وتم التمييز بين المعارضات المشروعة والمنظمات الإرهابية ، إضافة الى دخول بريطانيا على الخط بتعهدها حماية دول الخليج من اي خطر خارجي ومن خلال مظلة مجلس التعاون والتي يبدو أنها أي بريطانيا نصحت دول المجلس على المزيد من التماهي في سياستها وتقليص مسائل الخلاف بينها لتقوية الجبهة الداخلية في التدخلات الخارجية وذلك ما سنشهده في الوقت القريب .
أحدث التعليقات