تقترب الأسابيع والايام من حلول شهر نوفمبر وتبدء الإرهاصات تدور حول الاحتفال بالعيد الوطني المجيد ، وتسري بين الناس همسات لا تكاد تسمع ، هل سيكون هناك عرض عسكري ؟ ذلك التقليد العتيد الذي تحرص عمان على التمسك به في وسطية لا تكاد تضاهى في كافة أصقاع الارض فكل العروض العسكرية التي أقيمت في السلطنة تتمحور حول أهمية القوات المسلحة في الذود عن حياض الوطن والحفاظ على المكتسبات التي تحققت على هذه الارض في العهد الميمون لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه ، وعدم التدخل في شؤون الغير ، وهل الحالة الصحية لجلالته ستسمح له برعاية العرض العسكري ؟
ومع أنه بات من المعروف منذ فجر النهضة المباركة أن جلالة السلطان المعظم لا يحبذ الظهور إعلاميا إلا بالقدر الذي يسهم في ترسيخ المحبة بينه وأبناء شعبه الوفي او لبيان مواقف بلاده من القضايا العربيةوالعالمية والأخيرة يمكن وصفها بالنادرة ، إلاَّ أنَّ الملفت للنظر في هذه المرة أنَّ جلالة السلطان المعظم أستقبل قبل أسابيع وأيام من احتفالات العيد الوطني السادس والاربعين المجيد عددا من الضيوف العرب والاروبيين ولم تحظ تلكم المقابلات التي تشرَّف بها أولائك الضيوف ـ مع علو مكانتهم ـ على التغطية الإعلامية الأمر الذي ألقى بظلال الشك حول إمكانية إقامة احتفال يشرفه المقام السامي مدنيا كان أم عسكريا الى أنْ سرت أنباء تشريفه للعرض العسكري فابتهجت النفوس وتبددت الشكوك و زادت الغبطة حين ترجل جلالته من سيارته متجها الى منصة العرض بكل معنى كلمتي المهابة والوقار وعزف السلام السلطاني بكل أناة وكأن الذي يعزف له السلام وتؤدى له التحية هو نفسه شاب الرابعة والعشرين وكانت قامته كالسمهري رافعا يده بالتحية لأبناء قواته المسلحة فيما يحرص المصور على إظهار قسمات الوجه والساعد المرفوع والكفِّ المنبسط علَّه يلحظ شيئا من الإهتزاز طوال عزف السلام واستعراض الجند ، فيما كانت قلوبنا نحن تخفق حبا وخشية أن يؤدي مكوث جلالته واقفا لمدة غير قصيرة الى شيء من الإرهاق لينتهي العرض في أجمل صورة وأبهى حلة.
فما هي الرسائل التي نقرأها من التشريف السامي لرعاية العرض بعد أسابيع وأيام من استقباله لكبار الضيوف دون تغطية إعلامية مع ما هو متعارف عليه من اهمية دور الاعلام في تلميع الانظمة والقادة إن لم يكن في كل العالم ففي عالمنا العربي على الأقل ؟
الرسالة الأولى تقول إن كان الظهور الاعلامي لا بد منه فالاحق به أولا شعب عمان المتلهف لرؤية قائده فلا ينبغي ان يكون الظهور الاعلامي فقط للظهور بل لا بد من استثماره استثمارا حقيقيا ولابد أن يعطى أصحاب البيت حقهم اولا.
أما الرسالة الثانية فهي لقواته المسلحة التي سهر على تطويرها ورفع قدراتها انه وإن حالت الضروف أحيانا دون اللقاء فإنهم اول المستحقين بجدارة التشريف السامي وأداء التحية لهم.
أما الرسالة الثالثة فهي أن سلطان عمان يستمد قوته ومكانته من الداخل من الحب المتبادل بينه وشعبه الوفي وليس من الخارج ، مع الإقرار طبعا بأهمية متانة العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة ، وفق سياسة حكيمة متزنة قائمة على عدم التدخل في شؤون الغير.
فهنيئا لنا بهذا الفكر المستنير والرؤية الثاقبة والاخلاص والتفاني لعمان وشعبها وحفظ الله جلالته وأنعم عليه بالصحة وتمام العافية واعاد عليه وعلى شعبه الوفي ألاعياد والمناسبات مكللين بالسعادة والرفاهية والامن والازدهار.
وكل عام والجميع بخير
غصن بن هلال بن محمد العبري
٢٩١٦/١١/٢١م
١٤٣٨/٢/٢١هـ
أحدث التعليقات