لماذا بعض الموصوفين بالذكاء أو المتفوقين في الدراسة يصابون بأمراض نفسية؟
وبصيغة أخرى نسأل هل هناك علاقة بين التفوق العقلي والمرض النفسي؟!
سؤال يراودني منذ سنوات نتيجة ظهور حالات عديدة في جامعة السلطان قابوس ( وبعض مؤسسات التعليم العالي في السلطنة) لطلاب، تكون السمعة عنهم أنهم متفوقون، وفجأة تتدهور أحوالهم، ليصبحوا إما خارج الجامعة كليا أو في آخر مستويات الكلية التي يدرسون بها أو ينتقلون الى كلية أخرى، وذلك على أقل تقدير.
ومع أن بحثا كهذا عن حالات كالتي تحدثت يفترض أن يخرج عن نفس الجامعة( وربما خرج) باعتبارها قمة الهرم في التعليم العالي، إلا أننا ما زلنا نسمع بين فترة وأخرى عن حالة جديدة، دونما التفاتة إلى بحث مسبباتها وظروف كل حالة منها، كالتي تم التداول عنها في الأيام القليلة الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي جاء الحديث عن أن طالبا متميزا في مراحل التعليم العام جاء بنتائج عالية في الصف الثاني عشر أهلته للإلتحاق بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس، إلا أن نتائج الفصول الدراسية جاءت على غير ما يتوقع منه، (ثم انتقل إلى كلية أخرى)، وفي خضم العدد الكبير الذي تعج به الجامعة ربما لم تجد الجهة المعنية بالإرشاد الاكاديمي الوقت الكافي للوقوف على حالته لينضم إلى سلك من قيل عنهم أنهم مرضى نفسيا، ويقال والعهدة على الراوي أنه قد تعرض في الجامعة من قبل بعض أساتذته وزملائه الطلاب للسخرية كونه قادما من منطقة ريفية، وربما من أسرة فقيرة سهرت على زرع الطموح في عقل ابنها لتراه يوما حاملا عنها لواء مشقة العيش ومشاركة خدمة الوطن من موقع أفضل وأنفع للأمَّة ، وبدلا من أن يؤخذ بيده، ويتم بحث ما وراء أسباب انقلاب حالته وصل الأمر به ليتهجم على منشآت الجامعة وموظفيها ليصبح حديث القاصي والداني، وكل يرمي بدلوه في تحليل ما يدور في الجامعة من ظلم وتعنت واستبداد بين الطلاب وأساتذتهم، وغياب إدارة الجامعة وعمادة شؤون الطلاب (وعمادة القبول والتسجيل) عن المشهد بقصد أو بغير قصد، ملقية الخطام على الغارب للأساتذة، يتصرفون مع الطلاب وفق رؤيتهم الخاصة، وكانهم أنبياء يمشون على الأرض، حتى صار الطلاب يتركون الدراسة في مراحل التعليم العالي بالمئآت، مفضلين الاكتفاء بوظائف متدنية على مستقبل معلق في يد أستاذ يهدد طلابه بالسقوط لمجرد أن أحدهم تأخر دقائق عن بداية محاضرته، وآخر يأخذ ورقة طالب قبل انتهاء وقت الامتحان؛ لأنه تأخر عن بداية الاختبار بدقائق، بسبب عدم وجود مواقف للسيارات ووقوفه بعيدا استغرق منه المشي بعض الوقت. وطلاب كثر يعزون كل هذه الحالات إلى طرق التلقين التي تتبعها الجامعة والكم الهائل من الاختبارات اليومية والاسبوعية والفصلية، بحجة المحافظة على المستوى العالي للجامعة، وحتى نظام المنحنى في النتائج تؤدي الى ذبذبة الخط البياني للطلاب، والتي يمكن أن تلحق الحيف على بعض الطلاب، كل هذه الأمور قد تؤدي إلى ظهور حالات معينة من المعاناة النفسية، التي يتحتم معالجتها قبل استفحالها.
وهنا تبرز أهمية اكتشاف مثل هذه الحالات في وقت مبكر، ولن يتم ذلك إلا من خلال المرشد الاكاديمي الذي ينبغي أن يقوم بزيارة القاعات بين فترة وأخرى، وأن يعطى المرشد الاكاديمي (ومركز الإرشاد الطلابي)دورا أكبر في توجيه الطالب الوجهة التي تناسب ميوله قبل أن يصل إلى مرحلة المفاصلة بين أن يكون أو لا يكون.
(كما ينبغي أن يتم إشراك ولي الأمر في دراسة وضع حالة الطالب ولا يكتفى بإرسال إفادة، فالطالب هو ابن الوطن وينبغي أن تكون متابعة حالته في بعض المراحل مسؤولية مشتركة ، ولا يصح القياس على الأجيال السابقة التي استطاعت تخطي ما واجهتهم من صعاب وتحديات، فالصعاب والمشتتات تختلف باختلاف الأزمان).
عين على التعليم العالي

أحدث التعليقات