نحن العمانيين خلقنا الله هكذا من صفاء السريرة بحيث أصبحت مقولة (يرى الناس كما يرى نفسه ) واقع حال نترجمه في سلوكنا وتعاملنا، وقد لا نأخذ بالحذر ولا نسترجع النظر ، وذلك فيما أحسبه مكمن من مكامن الخطر .
إننا مثلا نعتبر الوافد ضيفا يلزمنا إكرامه ويفرض علينا الدين تقديره واحترامه لأن تلك صفات العرب وهبهم الله إياها مع فطرتهم الاولى ربما ليحتظنوا دين الفطرة ( الاسلام ) الدين الحنيف الذي رسَّخ الكثير من أخلاقيات العرب كمنهج سلوكي ، فهذا رسول الله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما بعثت لأتمم مكارم ا لا خلاق ) ويقول عن أهل عمان بالذات ( لو أنك أتيت اهل عمان ما سبوك ولاضربوك) ليدلل على مكانة أهل عمان وخلقهم الرفيع ، ثم هاهي عمان في عصرها الحاضر ترسخ مآثر الماضي وتسير على منواله ، واضعة الوافد اليها موضع التقدير و الاكرام ، تجسد هذا التوجه القوانين التي تنظم القوى العاملة التي تراعي مصالح الوافد من منطلق الضيافة وتقدير المساهمة في خدمة عمان اكثر من مراعاتها لصالح رب العمل .
نعم تلك هي سمة العمانيين في تعاملهم ولكن هل كل من يزور عمان او يقيم بها يدرك هذه الحقيقة ويتعامل مع ما يتفق و عظم هذا البلد وصفاء سريرة أهله وكرم ضيافتهم ؟
بعض من المواقف تعطي إشارات الى غير ذلك ، فعلى سبيل المثال لا الحصر اتفقت مع أحد الوافدين من الاخوة العرب على القيام بعمل شيء من الاثاث ولكي يتم إحضاره كانت بيني وبين المتعهد محادثة للتعرف على مكان اللقاء فقلت له سنلتقي عند الجامع في منطقة كذا أجابني مستفسرا عند جامع أهل السنة ؟
قلت له لا أعرف انه يسمى بهذا أو يعرف بهذا الصفة ، الذي أعرفه أنه جامع كبير تؤدى فيه شعائر صلاة الجمعة وهو أحد المساجد في المحافظة لكننا لن نختلف على التسمية الآن الأهم أن نلتقي هناك.
وقد التقينا بالفعل واثناء العمل دار بيننا حديث حول الجامع وكيف أنه قد أطلق عليه جامع السنة في حين أنني من أهل البلدة ولم أسمع أحدا قط أطلق على ذلك الجامع ولا غيره من الجوامع في البلدة أية صفة مذهبية ، فكيف تسنى له وهو وافد أن يعرف شيئا لا يعرفه صاحب البلد ؟! والأهم من ذلك كيف تجرأ على قول هذا في بلد قد رآى أهله يسودهم الوآم والتسامح والطمئنينة؟
ما أريد قوله في هذا المجال دون إطالة أننا نحتاج نحن المواطنين الى حس أمني اكبر في المستقبل عما نحن عليه الآن فالقادمون الينا أغلبهم إما فارين من شيء واقع او من شيء يحتمل وقوعه في بلدانهم وعلى هذا الاساس فهم يحملون ماليس بمقدورهم التخلي عنه رغم كراهيتهم له ، فحين تتداول كلمة ولو كانت عابرة لا ينبغي السكوت عليها كي لا تترسخ في الأذهان وتصبح بعد ذلك واقعا يتناقله الناس بقصد او بغير قصد ليستغله المغرضون في نفث سموم الخلاف و الفرقة ، كما ينبغي علينا كذلك ان لا نفتح بيوتنا وقلوبنا لنثبت طيبتنا ولا يفهم من قولي أنني أنادي بأن ننسلخ من جلدتنا أونتخلى عن قيمنا ومبادئنا ومروؤتنا إنما مثقال ذرة من وقاية حذر خير من قنطار علاج أمني ، فما نراه من وجود بعض الوافدين في أحياء سكنية لا تكاد ترى فيها عمانيا يمشي ليس كله والله أعلم بهدف البحث عن الرزق ، فينبغي على كل عماني في هذه المرحلة أن تكون أعينهم مفتوحة على كل ما يمكن أن يثير الريبة او الشك من أقوال او أفعال وإن بدت كأنها عابرة أو غير مقصودة فالشاعر العربي يقول ( عليك بالحزم في أمر تحاذره … فإن سلمت فما في الحزم من باس) ويكفي العمانيين ما عانوه عبر قرون خلت من التخلف والفقر والجهل والتشتت وليسوا في حاجة الى المزيد او حتى الى ما يذكرهم بتلك الايام إلا اللهم لتجنب تكرارها .
هذا وإن الارض والسماء والماء والهواء ليشهدون أننا جميعا عمانيون وأن كل شيء تحت شهادة توحيد الله سبحانه وتعالى يتلاشى وينضوي تحت العمامة العمانية والمصر ، وستبقى عمان بعون الله وتوفيقه لقائدها وملهم أبنائها وشعبها واحة للرخاء والامان . والحمد لله أولا وآخرا.
الثالث من ذي القعدة ١٤٣٧ هـ
أحدث التعليقات