العمالة الوافدة من المسؤول عن تزايد اعدادها؟ وكيف يمكن معالجتها وفق الضروف الناتجة عن انخفاض اسعار النفط ؟
حوارات كثيرة تدور بين المواطنين حول تدفق العمالة الوافدة الى السلطنة حتى باتت تهدد التركيبة الدموغرافية للبلاد وتستنزف خيراتها وثرواتها الى الخارج واضحى المواطن يشعر ان العمالة تسابقه الى اكتساب الرزق حتى في المهن التي من المفترض ان لا تصل اليها العمالة الوافدة ومع ارتفاع وتيرة التحسب من الاوضاع التقشفية الناتجة عن انخفاض اسعار النفط بات الشباب
يطرحون اسئلة عن الجهات المسؤولة عن وصول العدد الى ما يربوا على مليون وسبعمائة الف وافد يشاركون المواطن ليس فقط في فرص العمل بل في تنفس الهواء والماء والطعام والمواصلات والاتصالات وخدمات اخرى كالصحة والتعليم ووو…
وللوقوف على هذا الجانب لا بد من البحث في العمق لمعرفة المستفيد الاكبر ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا يمكن توزيع المسؤولية على الجهات قدر الاستفادة من أي عامل وافد.
كيف يدخل الوافد الى السلطنة ؟
لا بد لأي وافد يدخل السلطنة ان يكون تحت مسؤولية جهة ما – حكومية أو مؤسسة قطاع خاص أو افراد – وقبل الموافقة على استقدامه يخضع لمعايير لدى الجهة المعنية باستقدام الايدي العاملة الوافدة فإن قدرت تلك الجهة وجود الحاجة اصدرت الاذن وإلا رفضته.
فلو اخذنا شريحة الافراد نجد انها تنحصر العمالة لديهم في مزارع او عاملة منزل (او سائق لمن دخله يتعدى الف ريال)
وهذه لا تكاد تخلو من واحدة منها اسرة .
أماالمؤسسات الكبيرة والصغيرة فتشتركان في نوعية العمالة إلا ماندر و الفارق بينهما قلة العدد وكثرته.
في حين الحكومة يفترض ان تكون أقل الجهات استقداما للوافدين .
ومن النظرة الاولى يبدو أن كل شيء يجري وفق القوانين والانظمة فأين المشكلة ؟ هل هي في تحليل المواطن ؟ أم في النظام المعمول به أم في أسلوب تطبيقه؟
بالنسبة لشريحة الافراد نجد في السنوات الاخيرة توسعا كبيرا في استقدام العمالة خاصة في مهنة المزارع وعاملات المنازل
وهاتان المهنتان أفراز لما حدث من التحول في حياة الاسرة العمانية فقد اصبح الشباب من الجنسين مشغولين إما بتحصيل العلم أو بتحصيل الوظائف والابوان قد تجاوزا مرحلة القدرة على ادارة شؤون البيت والمزرعة ، ولكن هل تم الاكتفاء بعامل للمزرعة وعاملة واحدة بالبيت ؟ الواقع يشير الى غير ذلك لقدوصل الامر ببعض الاسر أن يفوق عددالعمالة عن عدد افراد الاسرة ولا أبالغ في القول إن قلت ان بعض افراد الاسر الذين ظلوا لسنوات باحثين عن عمل والذين كان يمكنهم اشغال وقتهم بالعمل محل العمالة الوافدة كانوا يستقدمون عمالة وافدة في بيوتهم بدلا من تعزيز وضع أسرهم ماديا ،أليس هذا مما ضاعف العمالة الوافدة؟
لقد أصبح التقليد والاتكالية والمباهاة سمة من سمات المجتمع.واستنزفت العمالة من دخل الاسرة ما يقارب ثلاثين بالمئة واحيانا يصل الى خمسين بالمئة.
تلكم حكاية الشريحة التي تعد الاوضح والاسهل في بيان احتياجاتها للعمالة فما بالكم بالشريحة التالية وهي مؤسسات القطاع الخاص التي من المفترض أن تكون درجاتها ومستوياتهاقد حددت لها العمالة اللازمة لنشاطها و التي لا تكاد مؤسسة الا وقد استنفدت الاعداد المستحقة لها بالضبط مثلما يحدث الآن في السرعات القصوى المحددة في الشوارع فلا تجد سائق الا ويحرص على ألا تنقص سرعة سيارته عن الحد الاقصى كيلومتر واحد بل إن المؤسسات تجد من الحيل لزيادة العمالة لديها ما لا يجده قايد المركبة الذي يرصده الرادار مع اول كيلومتر زائد. فكيف يتم ذلك؟ دعونا نطرح مثالا لما يحدث لعلنا نصل الى جواب.
تقرر الحكومة إنشاء مشروع من المشاريع الحيوية في البلاد وتعرضه على الشركات الكبيرة وتشترط على من يتقدم لنيل المناقصة شروطا منها بيان رأس مال الشركة والمعدات والعمالة اللازمة لتنفيذ المشروع .
تلك الشروط لابد من توفرها لكي تدخل الشركة منافسة الحصول على المناقصة وليس فقط الفوز بها وهذا إجراء سليم من دون شك ،ولكن ما الذي يحدث ما إن ترسو المناقصة على تلكم الشركة حتى تتقدم بطلب مزيد من العمالة لتسريع تنفيذ المشروع فتنال مرادها متناسية انها لم تفز بالمشروع لو لم تستكمل كافة الشروط ومنها وجود العمالة وبما ان قانون المناقصات لا يمنع من تنازل الشركة عن جزء او كل المشروع الى شركة أخرى تقوم الشركة الحايزة على المشروع بإعطاء جانب منه الى شركة أخرى فتتقدم الأخرى بطلب عمالة بحجة انها حصلت على تنفيذ جانب من المشروع الحيوي فتنال مرادها لتقوم الثانية باعطاء بعض الاعمال لشركة ثالثة فتتقدم كذلك بطلب عمالة جديدة .
وهكذا يكون للمشروع الواحد الذي كان من المفترض تنفيذه من الشركة الاولى بعمالة موجودة ضمن شروط المناقصة استقدام عمالة من شركات ثلاث .
هل يتم ذلك بحسن نية أم بغيرها ؟
ما من شك أن زيادة العمالة يؤدي الى رخصها ليقلل من تكاليف العمل ويرفع من ربحية تلك الشركات التي تستغل الثغرات والتسهيلات التي تقدمها الجهات المعنية بتنظيم العمالة الوافدة .
أما الحكومة بصفتها الجهة المسؤولة فلها من وراء كل هذه العمالة ما لها ، ذلك ان كل مأذونية تجلب للخزينة ما بين مائة وخمسين الى ماتين ريال ويمكن ببساطة معرفة كم يدخل على الخزينة من مليون وسبعمائة الف عامل وافد بعد كل عامين.
(ماتين وخمسة وخمسين مليون ) من معدل مائة وخمسين ريال للمأذونية الواحدة ، أضف الى ذلك (سبعة عشر مليون ريال نظير الفحص الطبي عند القدوم) ومهما قيل عن تذمر الحكومة اتجاه وصول العمالة الى هذا العدد الهائل فإنها ليست بريئة براءة الذئب من قميص يوسف ، يدل على ذلك أنه بمجرد
الابلاغ عن هروب أي عامل تطلب إيداع قيمة التذكرة وتصرف مأذونية جديدة بدل العامل الهارب وهكذا تتراكم أعداد الهاربين عن كفلائهم ، وهل هم هاربون أم مهربون للحصول على البديل ليقين الكفيل انه لن يُتَعقب الهاربُ إلا إن ساء حظه .
وهكذا يتضح كيف أن الجميع قد أسهم في تكدس العمالة الوافدة وأن التقليل منها يتطلب تضافرا واستعدادا وتضحية من الجميع ليعود خير عمان للعمانيين مجتمعهم وأرضهم وماءهم وهواءهم كما كان صافيا نقيا.
والسؤآل كيف يمكن علاج المشكلة .
علاجها في ثلاثة مواضع
الاول في اعادة النظر في تقدير تكلفة المشاريع المبالغ فيها
الثاني في قانون المناقصات الذي يسمح للشركات بالتنازل دون ضوابط .
الثالث في أن لا يكون لواضع خارطة المشروع دور في تتفيذه.
الرابع في مراجعة آلية استقدام العمالة
وتطبيق القانون على الجميع دون انتقاء
ذلك ان التقدير العالي للتكلفة تعطي مساحة واسعة لتقسيم الربحية على عدة شركات فحين تقدر تكلفة مشروع ما بعشرة ملايين مثلا لتاخذه شركة معينة بنفس التقدير دون زيادة او نقصان فمن اين عرفت تلك الشركة ما قدره صاحب المشروع ؟
وحين تقوم الشركة الحائزة على المناقصة بالتنازل عن المشروع لشركة أخرى مقابل حصولها على مبلغ وتقوم الثانية بالتنازل عن المشروع لشركة ثالثة كذلك مقابل مبلغ ليتم التنفيذ من الشركة الثالثة بنفس المواصفات الموضوعة
أليس ذلك يعني أن تكلفة المشروع مبالغ فيها ؟
ولذلك حان الوقت لاعادة النظر في قانون المناقصات وفي تقدير تكلفة المشاريع التي يمكن ان توفر على خزينة الدولة دفع مئآت الملايين وبدلا من عملية تنازل الشركة الواحدة للاخرى يتم تنفيذ المشروع على مراحل يحد من احتكار الشركات الكبيرة واستحواذها على السوق وكسبها أموالا طائلة دون عناء ومشقة طالما ان المشروع اصلا يتم تنفيذه من غيرها .
وفي الجهة المعنية باستقدام العمالة الوافدة يؤمل منها سد الذرائع التي بموجبها تمنح تصاريح اضافية للشركات بحجة مشاريع حصلت عليها لأنها كما سبق
لم تؤهل للحصول على المناقصة إلا بتوافر الشروط وإن كان ولابد تاخذ من الشركة الحاصلة على المشروع العمالة اللازمة .
ولشريحة الافراد ينبغي تكثيف التوعية بالاضرار البالغة التي تلحق بالجانب الاجتماعي والاقتصادي بالاسرة .
وهكذا يمكن تقنين روافد استقدام العمالة واحلال العمانيين محل الوافدين من غير استقدام عمالة جديدة ريثما تتوازن الامور ويعتمد الوطن على سواعد ابنائه اعتمادا حقيقيا لا صوريا كما هو حادث اليوم.
حفظ الله عمان وقائدها ووسع عليهم ارزاقهم وادام عليهم تعمة الأمن والاطمئنان ورغد العيش انه سميع مجيب.
أحدث التعليقات