حمراء العبريين منذ نشأتها لم يعرف عنها أنها تبعت إداريا الى أي ولاية أخرى ، ولا سيمامنذ عهد الشيخ محسن بن زهران بن محمد بن ابراهيم العبري ، فقد كانت الحمراء طوال وقتها تدير نفسها بشيوخها وعلمائها لأن الحكومات المركزية كانت حكومات سياديةلا تقدم خدمات أخرى
وكانت تلك الحكومات تبحث عن الكفاية طالما أن ذلك يحقق لها الأمن الداخلي.
وقبيلة العبريين كغيرها من القبائل في تلك الحقب كانت تراعي مصالحها في الولاءات
بين حكومة وأخرى بما في ذلك حكومتي الامامة في الداخل وحكومة مسقط ،
وأحيانا تستطيع الموازنة في علاقتها بين الحكومتين وأحيانا أخرى تضيق بها الاحوال كما حدث إبان بعض الايمة والسلاطين ، لاسباب ليس هنا مجال سردها.
وقد استمر الحال ذاك حتى أواخر حكم السلطان سعيد بن تيمور الذي تميزت فيه علاقة العبريين بحكومة مسقط بشيء من الثبات خاصة بعد أن وجدت حكومة مسقط من قبيلة العبريين بقيادة الشيخ عبدالله بن مهنا تفهما في الدوافع التي أدت الى إحتلال السلطان لمدينة نزوى ولجوء الامام غالب وحكومته الى الجبل الاخضر .
فقد أسهم العبريون في ترسيخ وجود السلطان سعيد في نزوى
وكان التنسيق بين جيش السلطان سعيد بن تيمور بقيادة السيد طارق بن تيمور وبين العبريين في أحسن حالاته.
ومما يدلل على ذلك أن قوات السلطان سعيد بن تيمور قد أنشأت مركزا لها عند مدخل قرية بلاد سيت أحد معاقل الامامة فهي بلدة الامام غالب بن علي بن هلال الهنائي واخوه الشيخ طالب بن علي بن هلال الهنائي الذي هو عضده ، وقد تضرر العبريون من وجود ذلك المركز بنفس القدر الذي تضرر منه أهالي بلادسيت ، فلجأ العبريون الى تمهيد طريق سميت بطريق (عقبة الطويلة) تجنبا للمرور بمركز بلاد سيت ،
وقد استاء الجيش من ذلك التصرف وخاصة ان القيادة الفعلية كانت لدى الانجليز واغلب الجنود من بلوش مكران
ولا ينطقون العربية الا القلة
القليلة منهم ، ومع ذلك أقرَّ السلطان سعيد بن تيمور للشيخ عبدالله بن مهنا ذلك الاجراء ولم يبدي انزعاجا منه حين التقى به الشيخ عبدالله بن مهنا في مدينة صلالة في منتصف الستينات من القرن العشرين.
*****
الحمراء في عصر النهضة لجلالة السلطان قابوس ١٩٧٠م
مع بزوغ فجر النهضة عام ١٩٧٠
دخلت عمان مرحلة جديدة اختلفت كليا عما كانت قبل ١٩٧٠ .
فقد كانت عمان تعيش حالة من الجهل و الضعف والفقر والامراض ما لا يمكن وصفه وبلغة العصر الحالي كان العمانيون يعيشون تحت خطوط الفقر لا خطا واحداً حتى لقد كانت سمة الهجرة للبحث عن الرزق خارج البلاد هي السائدة.
ومع الفجر الاول ليوم ٢٣ يوليو لعام ١٩٧٠ بدا أن شيئا غير عادي سيحدث في عمان ، تغير في الفكر السياسي ، انفتاح على العالم ، التخلي عن القيود المفروضة في الداخل ، فتح مجال التعبير ، رغبة في اعادة تعمير النفوس قبل العمران ، لدرجة أن الانسان في عمان كان يحسب كل يوم يطلع فجره هو يوم عيد.
فقرة جديدة
وعلى الرغم من حالة الانغلاق التام الذي مرت به عمان خلال
عقود طويلة الا أن دعوة سلطان البلاد لكافة المواطنين بالعودة الى وطنهم للاسهام في اعادة البناء قد أعطى زخما في حركة التنمية لأن العائدين من الخارج كانت لديهم فكرة الحركة التنموية القادمة ، وكانوا يدركون كيف يتم التخطيط التنموي وفق هيكلة ادارية.
مما يعني أن كل ولاية سيكون لها نصيب من التنمية .
وحمراء العبريين ليست ولاية
مما يعني أنها ستلحق بولاية من الولايات المجاورة وأقرب ما يكون أن تلحق بولاية بهلا .
فقرة جديدة
لقد تنبه الى ذلك العبريون العاملون في دولة الكويت، ولأن الحكومة وقتها كانت منفتحة على الآراء والمقترحات بل والمطالبات المشروعة ، فقد قامت فئة من العبريين بالمطالبة بتحويل الحمراء الى ولاية ، متخذين من الاتجاه الحكومي يومها نحو تقليل سلطة مشايخ القبايل وسيلة لاقناع المسؤولين في الحكومة لارسال موظف حكومي لادارة الشؤون المحلية بالحمراء.
وبالفعل تمت مخاطبة كل من وزارة الداخلية ووزارة الديوان السلطاني يومها برسائل عديدة
موقعة من العبريين العاملين في دولة الكويت ، ولما أن تبين الامر في الحمراء بالمطالبة من الخارج ظهرت معارضة مما استدعى الامر أن يتم تعبئة الرأي العام في الحمراء بأهمية المطالبة فتم توزيع منشورات تمت طباعتها في دولة الكويت بعدد الف نسخة من حجم A4 تم توزيعها في السبل والمساجد ليلا وقام بتوزيعها احد القادمين من الكويت .
المهم كانت ردود الوزراء على المطالبة إيجابية الى حد أن رسالة من أحد الوزراء قال فيها أنكم ستسمعون عن تغير جذري في الحمراء وان الحكومة مهتمة بذلك، وما هي الا أشهر حتى عينت وزارة الداخلية نائب والي في الحمراء لتكون الحمراء ملحقة بولاية بهلا.
لقد قربت تلك الخطوة تحقيق الهدف ولكنها لم تكن كما كنا نطمح ، فأن تكون الحمراء جزء من ولاية بهلا ذلك لم يكن مرضياً ، بل أصاب أهالي الحمراء عموما والمطالبين بالولاية خصوصاً بالاحباط
فاستمرت المطالبة أن تكون الحمراء ولاية بنفسها ، فرأت الحكومة أن وجود الحمراء نيابة لا يحقق الاستقرار المطلوب نظراً لحالة التشنج السائدة في عمان كافة لأسباب يعرفها من عاش تلك الفترة السابقة على التغيير ، فكان أن عينت وزارة الداخلية الموقرة السيد بدر بن سيف بن محمد البوسعيدي كاول والي لولاية الحمراء.
وكان من نتيجة ذلك الاجراء أن حظيت ولاية الحمراء بالعديد من الخدمات المتمثلة في فتح مكاتب حكومية ( مكتب للوالي ، محكمة شرعية ، مركز صحي ، بلدية ، مكتب تنمية زراعية ، مكتب للبريد ، مدرسة ) وما كان ذلك ليتحقق في فترة مبكرة لولا أن تم اعتماد الحمراء كولاية.
ف الى الذين كانوا وراء تلك الخطوة نزجي الشكر والثناء على ما قدموه لبلدهم رحم الله من فارق الدنيا منهم وحفظ من لا يزال يعيش معطيات تلك الخطوة رغم أنهم آثروا البقاء في الظل ولم تعد تذكر تضحياتهم تلك الا نادرا رغم أنهم لم يسلموا من المضايقة.
أحدث التعليقات