بين اللحظتين
في لحظة من صفاء كانت أقدامي خلالها تلامس الماء في شاطئ العذيبة ، خطر بذهني أن أجري تواصلا مع أحد الأحبة في قرية المضيرب بولاية القابل أسأله عما اذا كانت لديه معرفة بتواجد الشيخ المبجل عبدالله بن حمدون بن حميد في قرية الغلاجي ، فقد انقطعت عني أخباره منذ أكثر من أسبوع ولم يكن ذلك حاله عندي فقد كان تواصلنا شبه يومي وكان لا يتأخر عن الاتصال مع اول مكالمة فائتة ، لكن ذالك الحال قد تغير بعد أن أخبرت من أحد أبنائه أنه قليل الاستعمال للهاتف بناء على نصيحة الأطباء .
ولما كانت علاقتي بالشيخ علاقة الإبن بوالده شعرت بالاشتياق إليه بل والقلق عليه ، فقررت زيارته دون سابق تنسيق او معرفة من أحد ، أمسكت الهاتف في تلك اللحظة وقد كان قبيل غروب الشمس بساعة ، حتى أن خطواتي كانت نحو الغرب وكانت أشعة الشمس تعيق وضوح شاشة الهاتف بعض الشي ، أخذت أفتح قائمة الاتصال فيما رسائل الوتسب تتوالى بشكل كثيف مما جعلني التفت الى الرسائل قبل الاتصال بالأخ الذي أردت الاتصال به ، فكانت الصدمة التي لم أكن أحسب لها أن تحدث على الأقل في تلك اللحظات ، كل الرسائل كانت تنقل إلينا خبر رحيل الشيخ عبدالله بن حمدون الى ألرفيق الأعلى
وفي اللحظة نفسها يتصل بي الاخ الذي كنت قد عزمت على الاتصال به وهو يجهش بالبكاء قائلا فقدنا شيخنا الجليل
ابن حمدون ، في تلك اللحظة انقلبت حالة الصفاء الى سحابة حزن سوداء حتى أمواج البحر التي كانت تتهادى بسلام نحو الشاطئ صارت في صدري كأنما هي طلقات مدافع تتوالى ، وكانت كلمات تخرج مني كأنها ليست مني هل حقا الشيخ عبدالله قد رحل ، لم أستوعب حقيقة أنه غادر الدنيا ، ما زلت انكر أن الوفاة قد حدثت لعدم معرفتي المسبقة بحالته ، كانت أم محمد تراقبني وأنا أمشي متثاقلا و أكاد أن أسقط ، سألتني ما بك ؟ هل تشكو من شي ؟ ما باله صدرك ؟ وجهك بنبي بخبر سيء
في حينها كنت أردد (إنا لله وإنا إليه راجعون) وكحالة النساء كانت تلح بالسؤال ، نقلت إليها الخبر ولم يكن حالها أفضل مني لأن علاقتها بأم شاذان علاقة وطيدة والتواصل بينهما يكاد يكون أسبوعيا.
لم نعد ننظر للبحر رغم اتساع أفقه ولم نشتم نسيمه رغم صفائه ، أخذنا نجمع أشياءنا في السيارة لنعيد أدراجنا بينما الشمس تتوارى خلف الافق لتعلن ميلاد ليل ثقيل.
رحمك الله أيها الشيخ وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة والهمنا الصبر والسلوان وكل محبيك.
غصن بن هلال العبري
٩ / ٩ / ٢٠٢٥م
أحدث التعليقات