حماية البيئة مصطلح أخذ ينتشر في عصرنا الحاضر وبدا للناس البسطاء مثلي كما لو أنَّ البيئة من محدثات العصر أو أنَّ المعاصرين هم أول من عرف البيئة وأعلنوا ضرورة المحافظة عليها وتلك هي المغالطة بعينها ، فالبيئة بطبيعة الحال وجدت مع وجود الإنسان والحيوان والنبات والماء والهواء على الأرض ومع تطور الكائنات التى تعاقبت عليها فإنَّ الانسان الأول قد استفاد من البيئة بفضل الشفافية التي كان يتمتع بها حتى في احلك الضروف فهذا قابيل حين قتل اخاه هابيل لم يهتدي كيف يفعل مع جثمان أخيه المقتول فارسل الله له غرابا من بيئته ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ( 31 ) ) ولو لم ير قابيل الغراب يدفن سوأة أخيه لظل الانسان حائرا ردحا من الزمن كيف يفعل بموتاه ولا احد يدري كم هي الآثار السلبية التي التي ستحدث على الارض من جراء الجثث المتعفنة على ظاهر الارض.
وقصة نببنا يوسف عليه السلام مع عزيز مصر في الاستفادة من معرفة دورة مواسم الامطار في التخطيط الاقتصادي لتجنب حالات القحط وقصة الانبياء مع رعي الاغنام وملاحظاتهم مما يتوجب على الراعي من المحافظة على القطيع والبحث عن افضل السبل لاشباعه وسلامته ، وغير ذلك الكثير الكثير بل كلنا يعلم أنه قبل مأتي سنة فقط كانت البيئة لا تعاني من أي مشكلة ، ولم يكن مفهوم البيئة غائباً عمن عاشوا على هذا الكوكب من قبلنا و على النقيض من ذلك كانت البيئة دليلهم على صحة مسار حياتهم و بسبب فهمهم للبيئة أسسوا قواعد علوم كثيرة كالطب والفلك وعلم البحار والكيمياء والأحياء وغيرها من العلوم الإنسانية ، ولعل ما يميز الأوائل أنهم كانوا يتعاملون مع البيئة بإحساس مرهف وشفافية عالية حتى قبل سنوات بسيطة أذكر وأنا أعيش طفولتي كانت إذا عصفت الرياح بالبلاد واستمرت لفترة غير طبيعية يهب المصلحون لتذكير الناس بالاستقامة في عباداتهم وسلوكياتهم الحياتية وكانوا يتحسسون المناطق المشبوهة وكانوا إذا وجدوا شيئاً غير طبيعياً يبلغون الناس عنه ليعلنوا براءتهم منه واستنگارهم له من منطلق فهم ان كل شيء قد سخر لحياة الانسان وان ذلك التسخير مرهون باستقأمة السلوك ، ولعلَّ خير مثل على ذلك حين تنقطع السماء عن المطر ويلحق بالأرض من جراء ذلك الضرر يخرج الناس ليطلبون من ربهم الغيث ويعلنوا لبارئهم اعترافهم بما اقترفوه من آثام وموبقات فيرجعوا وقد استجاب لهم ربهم وأمدهم بجنات وأنهار ، وحين تنزل الأمطار بغزارة ويجد الناس أنَّ البلاد التي يعيشون بها تتعرض للغرق يسألون ربهم أن يرفع عنهم المطر فتنجلي السحب عن السماء في طرفة عين ، وفي الحالتين البيئة هي المتلقي والوسيط ، فهي جند من جنود الله سخرت لكي تبقى الحياة على هذا الكوكب ، أليس هذا هو تحسس بما يدور بالبيئة من تغير ؟ نتيجة سلوكيات بني الانسان وتأثير ذلك على النبات وسائر الحيوان ، إنَّ البيئة بمفهومها الشامل كانت لدى من سبقونا أكثر علاقة و تفاهماً لماذا ؟ لأن الانسان يتعامل معها على أساس أنها مخلوقة تسبح لله ( وإن من شيء إلاَّ يسبح بحمده ) فإذا ما أحست بالحيف والظلم سألت ربها أنْ يمنع منفعتها عمن أساءوا إليها فإذا ما أعلنوا توبتهم عادت إليهم خاصية النفع التي وهبها الله لهم .
وهناك وقفات أخرى مع البيئة سوف نقفها معاً في الأيام المقبلة .
أحدث التعليقات